جزرنا

 

جزرنا


لا ساحلَ يزيّن جُزرنا، 
ولا أمواجَ حتى ترثي حُبيبات الرمل على ضفافها.
جزرنا بلا موانئ، وبلا سماء مزينة بأضواء الأجرام البعيدة، 
جزرنا جدران رمادية مطرزة بنقوش من سبقونا. 
لا أشجار حتى نلوذ بأحشائها. ولا حتى كوة ضيقة نختبئ بجوفها. 
صحراء هي جزرنا...صحراء الوقت،
وصمت يتركك على ضفاف الجنون. 
يا الله! 
لماذا أجد نفسي عارياً على الاسفلت؟ 
والوحوش أعلنت قيام مملكة العزل والعزلة. 
والوحوش راهنت على أن لقاءنا مع أنفسنا يتلوه امواجٌ من الكلام.
وكل ما هناك أنا والجدران، أنا في صمت الظلام، 
لوحدي...لوحدي... لوحدي أنا
وكل ما يدور في رأسي: 
أنتِ.

رأيتك هناك وأنا أهذي: 
رأيتك تبتسمين وانتِ تناغين قلبَ طفلنا الذي لم يأتِ بعدُ. 
رأيت جسدكِ، يا حبيبتي، رأيته يناجي الوقت، 
يصرخ على عادية الظلام، ويفقؤ أعينَ الجار. 
رأيتك وأنا معلّق على خشبة حزينة، رأيت فيكِ ما لا أشاء أن أقول. 
هل أبوح سريَّ؟ أم أصبرُ صبركِ؟
وقلت لنفسي وأنا استحضر صمت الحجر:
ما الانسان الا ما لا يقول!

تهاوى قارب على شاطئٍ في الكاريبي.
كاد ان يغرق كروزو، كاد أن يُنسى مع مراكبه، 
كاد أن يبتلعه البحر وأن يُمحى، 
ولكنه في العزلة خمن أنه الملك، 
وقال إن السيد هو من يحدد الاستثناء. 
رفع رايات الإمبراطورية والتهى بالماثلات، 
ونهب! وسرق! وسطا! ...

أمّا جزرنا فلعبة مع الوقت، ونطفة نرسلها بالبريد، 
مؤجلةٌ ولكنها تستعجل الوليد، وأنا يا حبيبتي أتقن كل الألاعيب، 
اثنان أنا، وعلى خصام مع الإنجليزي الوحيد:
أسيادٌ نحن لأننا واحد بعد أن كنا وتريْن، أسياد لأننا سنصبح ثلاثًا عما قريب.
أسياد لأننا لا نخاف أن نبيت في حدّ الاستثناء الوحيد!

الأكثر قراءة

"صوتك بنعس"

هنا أسجل اعترافي

سؤال الأحياء