لي أخٌ


لي أخٌ كادَ أن يكون،

وُلد دون لغة، ودون خطايا.

أخبرتني أمي أنه تحوّل إلى عصفور.

وأنا لم أبكيه، ولم أبحث عن مهده بين القبور.

لو كنتُ عصفوراً لكنتُ الوصلَ بين ألسنة الأرضِ.  

لو كنتُ عصفوراً لكنتُ المسافةَ بين متاهات الحرشِ ومدارات السماء.  

لو كنتُ عصفوراً.. لأذبتُ أجنحة النحل وأخبرتهنّ ألا يهبنَ "ملكة الطوائف". 

لو كنت عصفوراً لامتنعتُ عن امتلاك الحوافّ التي تمنح الهاوية هوّتها.. 

لو كنتُ عصفوراً، لأردتُ أن أُبصر الهوّة كأفق، وأن أفرشَ على فضاءات الكوّة الزرقاءِ أجنحتي.. لأردتُ أن أصافح القمر، وأن اندفع تجاه ضياءه دون عقل يدلل على المحال.. لأردتُ الّا أتعلم كيف أحيا، تعلماً، والّا يكون "الموت" "والآخر" مدرستي. 

فالعصافير لا تتعلم كيف تحيا، ولا تشتهي الشيء الذي أتشهاه، العصافير فقط تكون!

لا أدري لماذا؟  ولكني ما رغبت هندسة البشر في حدّ الزوايا. 

لا أدري متى؟ ولكني رغبتُ مرقدا في بحيرة مسورة بأعمدة من السحب.

وحين التفّت أفاعي المخاض على عنق أخي، تعلمتُ ألا أسأل أميَ عن الموت.  

وأبي بكى أخي وحدَه أمام قبرٍ لا شاهدَ له، 

رقد بجانبه وقال للموتى: " ابني الآن طيف وعصفور."

أخاف عليك من طيفي، ولكنّي يا أبي: 

أنا أيضاً اردتُ أن أكون عصفوراً!


الأكثر قراءة

"صوتك بنعس"

هنا أسجل اعترافي

سؤال الأحياء