المشاركات

عرض المشاركات من ديسمبر, 2021

جزرنا

  جزرنا لا ساحلَ يزيّن جُزرنا،  ولا أمواجَ حتى ترثي حُبيبات الرمل على ضفافها. جزرنا بلا موانئ، وبلا سماء مزينة بأضواء الأجرام البعيدة،  جزرنا جدران رمادية مطرزة بنقوش من سبقونا.  لا أشجار حتى نلوذ بأحشائها. ولا حتى كوة ضيقة نختبئ بجوفها.  صحراء هي جزرنا...صحراء الوقت، وصمت يتركك على ضفاف الجنون.  يا الله!  لماذا أجد نفسي عارياً على الاسفلت؟  والوحوش أعلنت قيام مملكة العزل والعزلة.  والوحوش راهنت على أن لقاءنا مع أنفسنا يتلوه امواجٌ من الكلام. وكل ما هناك أنا والجدران، أنا في صمت الظلام،  لوحدي...لوحدي... لوحدي أنا وكل ما يدور في رأسي:  أنتِ. رأيتك هناك وأنا أهذي:  رأيتك تبتسمين وانتِ تناغين قلبَ طفلنا الذي لم يأتِ بعدُ.  رأيت جسدكِ، يا حبيبتي، رأيته يناجي الوقت،  يصرخ على عادية الظلام، ويفقؤ أعينَ الجار.  رأيتك وأنا معلّق على خشبة حزينة، رأيت فيكِ ما لا أشاء أن أقول.  هل أبوح سريَّ؟ أم أصبرُ صبركِ؟ وقلت لنفسي وأنا استحضر صمت الحجر: ما الانسان الا ما لا يقول! تهاوى قارب على شاطئٍ في الكاريبي. كاد ان يغرق كروز...

لي أخٌ

لي أخٌ كادَ أن يكون، وُلد دون لغة، ودون خطايا. أخبرتني أمي أنه تحوّل إلى عصفور. وأنا لم أبكيه، ولم أبحث عن مهده بين القبور. لو كنتُ عصفوراً لكنتُ الوصلَ بين ألسنة الأرضِ.   لو كنتُ عصفوراً لكنتُ المسافةَ بين متاهات الحرشِ ومدارات السماء.   لو كنتُ عصفوراً.. لأذبتُ أجنحة النحل وأخبرتهنّ ألا يهبنَ "ملكة الطوائف".  لو كنت عصفوراً لامتنعتُ عن امتلاك الحوافّ التي تمنح الهاوية هوّتها..  لو كنتُ عصفوراً، لأردتُ أن أُبصر الهوّة كأفق، وأن أفرشَ على فضاءات الكوّة الزرقاءِ أجنحتي.. لأردتُ أن أصافح القمر، وأن اندفع تجاه ضياءه دون عقل يدلل على المحال.. لأردتُ الّا أتعلم كيف أحيا، تعلماً، والّا يكون "الموت" "والآخر" مدرستي.  فالعصافير لا تتعلم كيف تحيا، ولا تشتهي الشيء الذي أتشهاه، العصافير فقط تكون! لا أدري لماذا؟  ولكني ما رغبت هندسة البشر في حدّ الزوايا.  لا أدري متى؟ ولكني رغبتُ مرقدا في بحيرة مسورة بأعمدة من السحب. وحين التفّت أفاعي المخاض على عنق أخي، تعلمتُ ألا أسأل أميَ عن الموت.   وأبي بكى أخي وحدَه أمام قبرٍ لا شاهدَ له،  رقد بجانب...