بوابة الانتظار
كانت عمان بالنسبة لي كمرفأ تتوقف فيه السفن ليلاً قبل أن تبحر مجدداً نحو وجهات أكثر إثارة. ولكن مع مرور الزمن، بدأت أكتشف في عمان أوجه قلقة ومرتبكة. إذ هي صحراء، وفي وسطها تتربع تلال ترتفع بكل الاتجاهات، تعلن عن نفسها بلوحات إعلانية كثيفة تلون سماء المدينة وتغطي سواد أبنيتها. الدواوير تتمركز في فضاءاتها العامة، يستخدمها سكانها للإشارة إلى مواقعهم ووجهاتهم، دواوير تُشبه بوصلة الرحالة الذين يعتمدون على أضواء الكون التي عادة ما تصلنا متأخرةً بملايين السنين الضوئية... ضوء من الماضي يُشعل اتجاهات اليوم. ويتموج داخلها نهرًا قد دفنه الأسمنت... صحراء تتشح بالرطوبة، كأنما تستقبل اللّاجئين من كل صوب وحدب بعرقهم وهلعهم وبحثهم عن قطعة أرض يبنون عليها انتظارهم الطويل. عمان مكان تتيبس فيه الجراح المفتوحة وتنتقل إلى عوالم الصمت، ألم صامت وعابس يظهر لك بعبوس الناس في الطرقات. أتوا هؤلاء الرحالة إليها، من جبال الأرمن الغربية بعد المذبحة، ومن بغداد ونواحيها بعد أن وجه ابن الجنوب الأمريكي الأبيض أنظار الإمبراطورية نحو الذهب الأسود ونحو الجبهة الشرقية لدولة الاحتلال، ومن جنوب سوريا بعد أن التهمتها ني...