الباب
تحت ضوءِ مصباحٍ كهربائيّ وبين الجدران الحادّة التي تخفي الأسرار، وخلف الثقبِ الذي يتلصص منه الجار، أغلقُ الباب ورائي، وأتنفس هنا أكون ما أريد أن أكون، هنا أتعرّى وأنزع الأقنعة، أنزعها سريعاً وأعدد تواليها وأبكي أنّ خلف كل قناع ...قناع. دون الأبواب لا شيء يفصل أهل البيت عن الغرباء دون الأبواب، لا شيء يفصلنا عمّن رُمي معنا على المستديرة الزرقاء، لبقينا، دون الأبواب، في جوف المغارة، وانتظرنا أن تخيط العنكبوت بابا. *** الأبواب كثر، باب تُرك مغلقاً بعد أن هجره أهل البيت، تُرك معلقاً يعارك الريح وحدَه، وينتظر عودة المتأخِر! وباب أخر لم يطاوع صفعات الجندِ، وقف مُعانداً توالي الضربات بارتداد الصوتِ: لعلَّ الفريسة تُجيد الفرار، لعلَّ الفريسة تصبح الصياد! هناك إشاعة يتناقلها المنسيون في البحر، أنّ باباً موصداً وَجد مفتاحه. غلقت أبواب أوروبا، ولم تفتح إلا بعد أن أقدم الأبيض على قتل الأبيض. وكم من باب أُوصد في وجه من قاتل لأجل أن تفتح كل الأبواب. وكم من حرٍّ صنع من الجدار باباً، ومن خطاطيفِ الأسلاك الشائكة مفاتيحاً للعصيان، الأبواب كثر، ولكن أكثرها مأساوية هو "الباب الدوار"، وأكثرها تفكر...