سؤال الأحياء
سؤال الأحياء لم يتسنَّ لبائع الخبز أن يستنطق الممكن، انشغل برائحة العيش، وكرر المغنى على مسمع الفرانِ، لم يعد يقاتل الا على تكرار الإيقاع... الا على حراسة انتفاخ العجين قبل الفجر بقليل. والخبز لا يدرك أنه عجن من قمح لم يُحصد في البلاد، الخبز لا يدرك أن اللقمة تحاصر الكلام. والفمُ توقف عن اختبار لا-نهائية الأصوات الممكنة، تجده يُبربر دون أن يُفهم، دون أن يقول. تجده يلهو بسيجارة، أو يقسو على طفل لم نستأذنه قبل أن نمنحه الحياة. يشير الفمُ بإصبعه نحو شجرة، يظن أن الإشارة هي إيذان امتلاكه للجذور. يؤشر على كل الموجودات...على كل المخلوقات...على كل ما يترآى في العين كصورة. يؤشر لعله يسبق إشارة القادمين من البحر لتسمية البلاد. ينسى أن إصبعه قد بتر حين حاول بالسكين أن يطحن الطحين. هكذا تتشكل "الأنا" في زمن العيش والحُمة: ((النأي، الحذر، البعد، الخوف، حفظ المسافات، الانشغال بطحن المطحون، والاحتماء خلف الزجاج والابواب المسدودة)) الغضب شهيق لا يستدعي زفير، نحبسه في صخرة الجسد، ونكبل وسعه على التحول إلى لغة... إلى فعل أمر! يعشعش فينا حتى التعبِ. ...